خلال العقد الماضي، برز اتجاهان واضحان. الأول هو الزيادة في تشخيص اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) لدى الأطفال. والثاني هو تزايد استخدام الأطفال للتكنولوجيا مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية… في أعمار أصغر فأصغر — من بضع دقائق يوميًا في عام ۲۰۱۳ إلى ٤٨ دقيقة يوميًا في عام ۲۰۲۰. وبالنظر إلى هذا الواقع المستجد، بدأ كثير من الأهالي يتساءلون عن تأثير الشاشات على الأطفال، خاصةً أولئك الذين تم تشخيصهم بـ ADHD. يريدون أن يعرفوا: لماذا تبدو الشاشات جذابة جدًا للأطفال المصابين بفرط النشاط؟ هل الشاشات سبب لهذا الاضطراب أم نتيجة له؟ هل هي صديق أم عدو؟

قبل أن نغوص في الإجابات، دعونا نلقي نظرة سريعة على أهمية الانتباه أولًا. الانتباه هو القدرة التي تسمح لنا بالنظر إلى العالم من حولنا. نطور هذه القدرة مع نموّنا. بعد الولادة، نركز فقط على الأحاسيس مثل الجوع أو النوم. جزء من النمو هو تعلم كيفية الانتباه إلى المحفزات المختلفة المتحركة، وشيئًا فشيئًا نكتسب السيطرة على انتباهنا لنتمكن من التركيز على شيء ما حتى وإن كانت هناك مشتتات حولنا، مثل الاستماع إلى المعلم بينما يلعب زملاؤنا في الفصل. إتقان الانتباه والقدرة على تجاهل المحفزات المشتتة مهارة تسمح للطفل بالتركيز والتعلم وتحقيق أهدافه.

تكمن المشكلة عند الأطفال المصابين بـ ADHD بشكل أساسي في الحفاظ على الانتباه المستمر والمباشر. بمعنى أنهم يجدون صعوبة أكثر من عامة الناس في البقاء منتبهين لمهمة تتطلب جهدًا ذهنيًا. العديد من الأطفال المفرطي الحركة لا يستطيعون التوقف عن الحركة للحظة، ولكن عندما يقفون أمام الشاشة يتغير الأمر. فجأة يمكنهم الجلوس بهدوء تقريبًا دون رمش. هذا قد يبدو حقيقيًا لكثير من الأطفال، لكنه أكثر وضوحًا عند الأطفال المصابين بـ ADHD.

لماذا هذا؟ ولماذا يبدو، بسخرية، وكأنه تركيز؟ عندما يلعب أطفال ADHD بالهاتف أو التابلت أو الكمبيوتر، لا يتطلب الأمر بالضرورة انتباهًا مستمرًا منهم. الألعاب الإلكترونية، على سبيل المثال، تعطيهم تعزيزات سريعة مثل النقاط أو الجوائز، فيمكنهم قضاء ساعات أمام هذه الشاشات. كثير من برامج التلفاز مصممة بنفس الطريقة، للترفيه في فترات قصيرة.

إذا هم مستمتعون، ما المشكلة إذًا؟ تؤكد دراسة منشورة في مجلة “Pediatrics” أن الأطفال الذين يقضون وقتًا أطول أمام الشاشات لديهم خطر أكبر لظهور مشاكل في الانتباه لاحقًا. في الواقع، هناك العديد من الدراسات التي تشير إلى أن الأطفال الذين يتعاملون بانتظام مع الشاشات المحمولة أو التابلت أو الكمبيوتر يكونون أكثر تهيجًا ولديهم ضعف في الانتباه، والذاكرة، والتركيز مقارنة بمن لا يستخدمونها.

هل الأطفال المصابون بـ ADHD أكثر عرضة للإدمان على الشاشات؟

الأطفال المصابون بـ ADHD يعانون من صعوبة في الانتباه المستمر، لكن عندما يلعبون على الهواتف أو التابلت، يزيد انتباههم للجهاز لأنهم يتلقون ردود فعل فورية أثناء اللعب. لهذا السبب، قد يكون الأطفال المصابون بـ ADHD أكثر عرضة للاستخدام المفرط وغير المناسب للتكنولوجيا، مما قد يؤدي إلى مشاكل مثل القلق، اضطرابات النوم، السمنة، العدوانية، وصعوبات أخرى كثيرة.

كيف يمكن تجنب الاستخدام المفرط أو إدمان الشاشات عند الأطفال المصابين بـ ADHD؟

  • توفير هيكل وحدود واضحة: الحدود مهمة وصحية لكل طفل، لكن للأطفال المصابين بـ ADHD هي أكثر ضرورة. حددوا أوقات استخدام صارمة، استثنوا ساعات النوم وساعة ما قبل النوم من الاستخدام، وراقبوا نوع المحتوى الذي يصل إليه الطفل. أدوات الرقابة الأبوية صديقتكم في هذه الحالة لأنها تساعدكم على وضع قواعد والالتزام بها باستمرار.

  • تجنب استخدام الجهاز المحمول كأداة لإلهاء الطفل أو تهدئته: أعلم، من السهل جدًا تشتيت انتباه الطفل في غرفة الانتظار عند الطبيب، أو أثناء تناول القهوة مع صديق، أو كمكافأة لإنهاء الطعام أو لإلهائه أثناء ارتداء ملابس النوم. قد تبدو التكنولوجيا صديقة في هذه اللحظات الصعبة، لكنها ليست كذلك. هذه الاستراتيجيات لا تسمح للدماغ بأن يتعلم الصبر أو التركيز أو التحمل. أنتم تسمحون للدماغ بأن يشرد بسهولة.

  • شجعوا على ممارسة الرياضة: من المحتمل ألا يكون مفاجئًا أن كثيرًا من الرياضيين المحترفين مصابون بـ ADHD. النشاط البدني يساعد الأطفال على تعلم التركيز عبر الانتباه لحركات أجسادهم. أعتقد أن هذه أفضل طريقة لإبعاد الأطفال عن الشاشات ومساعدة الطفل المفرط الحركة على تفريغ طاقته والقيام بشيء جيد لجسده وعقله.

  • اقضوا وقتًا أكثر مع طفلكم: الاتجاه الثالث المتزايد الذي لم أذكره في البداية، ولكن يرى الأخصائيون أنه يساهم في عدم قدرة الأطفال على تطوير ضبط النفس أو مواجهة الإحباط، هو تقليل الوقت الجيد الذي يقضيه الآباء مع أطفالهم. غالبًا بسبب جداول العمل الصعبة، لكنني أعتقد أن إدمان الوالدين على الشاشات أيضًا سبب كبير. تذكروا أن تضعوا الهاتف جانبًا عند العودة إلى المنزل، أو على الأقل أثناء تناول الطعام. أوقفوه. اخفوه. خصصوا وقتًا للتركيز على طفلكم فقط كل يوم. اجعلوا من العناق، اللعب، والقراءة عادة. أعطوهم 100٪ من اهتمامكم. هم وأدمغتهم سيتعلمون منكم.