تخيّل أنك جالس في صالة الانتظار، وقد مر وقت أطول بكثير مما كنت تتوقع، بينما طفلك في سن ما قبل المدرسة قد جرّب بالفعل جميع الكتب والألعاب المتوفرة. بدأ يشعر بالضجر وعدم الاستقرار، وأنت لا تعلم كم من الوقت ستنتظر بعد. لتمضية الوقت، تفتح له مقطع فيديو على هاتفك حتى يحين دورك.
أو تخيّل أنك في حفلة عائلية امتدت أكثر مما خُطِّط لها. طفلك في سن ما قبل المراهقة لديه واجب مدرسي يجب تسليمه غدًا، ولأنه لم يجلب حاسوبه المحمول معه، يطلب منك أن تعيره هاتفك لكي يعمل على واجبه.
تفكر بينك وبين نفسك: هل من الخطأ أن أعطيه هاتفي؟ لكي ينجز عمله ولا يضطر للسهر حتى وقت متأخر عندما نعود إلى المنزل.
بغض النظر عن عمر طفلك، من المحتمل أنك وجدت نفسك مرارًا في مواقف مشابهة، تتساءل فيها: ما هو القرار الصحيح؟
هل من الصواب أن أسمح لطفلي باستخدام هاتفي؟
قد تمر مواقف كهذه مع أطفال من مختلف الأعمار، سواء كانوا يمتلكون هاتفهم الخاص أو لا. فالأحداث غير المتوقعة تحصل، والجداول تتغير، وأحيانًا تفرغ بطاريات الأجهزة…
وفي هذه اللحظات، قد يكون هاتف الوالدين هو الخيار الوحيد لتسلية الطفل أو السماح له بالتواصل أو الوصول إلى المعلومات.
في مثل هذه الحالات، قد يبدو إعطاء الهاتف للطفل حلاً مناسبًا. ومع ذلك، هناك بعض الأمور المهمة التي يجب التفكير فيها قبل أن تعطي هاتفك لطفلك.
نحن كبشر نميل إلى الرغبة في الحصول على إجابات قاطعة بالأبيض والأسود — خاصة عندما يتعلق الأمر بتربية أطفالنا!
لكن للأسف، كما هو الحال مع معظم جوانب الأبوة والأمومة، لا توجد إجابة قطعية صحيحة أو خاطئة على سؤال: هل يجب أن أسمح لطفلي باستخدام هاتفي أم لا.
ومع هذا، هناك عدة عوامل يجب أخذها بالحسبان لتقييم ما إذا كان ذلك مناسبًا في كل موقف على حدة.
حتى وإن بدا لك أحيانًا أنه الخيار الأسهل، يجب أن تكون واعيًا بالمحتوى الذي قد يتعرض له طفلك — وكذلك المعلومات الشخصية التي قد تصبح بين يديه!
هل أسمح لطفلي بمشاهدة فيديوهات عبر هاتفي؟
في بعض الأحيان، قد يكون السماح لطفلك بمشاهدة مقاطع الفيديو عبر هاتفك مفيدًا ومناسبًا.
قد تكونون في حالة انتظار طويلة وغير متوقعة، أو في رحلة طويلة بالسيارة، أو ربما تعطل جهاز طفلك أو انتهى شحنه، أو أي ظرف آخر يستدعي ذلك.
لكن قبل أن تعطيه الهاتف، يجب الانتباه إلى ما يلي:
- تأكد من إيقاف خاصية التشغيل التلقائي (Auto-play) في يوتيوب (YouTube) أو أي منصة أو تطبيق أو موقع بث آخر.
تذكّر أن اقتراحات الفيديوهات تعتمد على سجل مشاهداتك أنت، وليس اهتمامات طفلك.
مع خاصية التشغيل التلقائي، قد يتعرض لمحتوى غير مناسب لعمره.
يمكنك تعديل إعدادات يوتيوب لجعل تجربة المشاهدة أكثر أمانًا سواء على هاتفك أو جهازه الخاص.
- ضع في اعتبارك أن أدوات الرقابة الأبوية وقيود الخصوصية التي أعددتها على جهاز طفلك قد لا تكون مفعّلة على هاتفك.
هذا يعني أن طفلك قد يتمكن من الوصول إلى محتوى عبر المتصفح أو يوتيوب أو عمليات البحث، ليس بالضرورة مناسبًا لمرحلته العمرية.
لذلك إذا قررت السماح له بالمشاهدة على هاتفك، احرص على اختيار الفيديو بنفسك والإشراف المباشر أثناء المشاهدة.
- على الأرجح لا توجد حدود للوقت المسموح بالشاشة (Screen Time Limits) على هاتفك.
مما قد يؤدي إلى قضاء وقت أطول مما ينبغي أمام الشاشة دون أن تنتبه.
اضبط مؤقتًا أو راقب الوقت بنفسك أثناء المشاهدة، خصوصًا إن كنت مشغولًا بأمر آخر.
هل أسمح لطفلي باستخدام هاتفي لتصفح الشبكات الاجتماعية؟
مع مرور الوقت، تتزايد الأبحاث التي تكشف عن مخاطر الشبكات الاجتماعية على الأطفال والمراهقين.
وقد أصدر الطبيب العام في الولايات المتحدة (US Surgeon General) تحذيرًا رسميًا حول التأثيرات السلبية العميقة لهذه المنصات على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين.
السماح أو عدم السماح للأطفال باستخدام الشبكات الاجتماعية مسألة معقدة للغاية، وتتطلب تقييم عدة عوامل.
وعندما نتحدث عن السماح باستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي على هاتف الوالدين،
يجب ألا يُسمح للأطفال دون سن 13 عامًا بالوصول إلى هذه التطبيقات.
لا بأس أن تشاهدوا معًا مقطعًا مضحكًا أو محتوى لطيفًا،
لكن لا يُنصح بالسماح لهم بالتصفح المستقل أو غير الخاضع للإشراف على الشبكات الاجتماعية.
بالإضافة إلى خطر المحتوى غير المناسب،
قد يطلع الأطفال على نشاطاتك، رسائلك، ومعلوماتك الخاصة — والتي تفضل بالتأكيد أن تبقى بعيدًا عن أعينهم!
مزايا وعيوب السماح للطفل باستخدام هاتفك
كما هو الحال مع كل ما يتعلق بالأجهزة الرقمية والأطفال، هناك مزايا وعيوب يجب التفكير فيها قبل اتخاذ القرار.
بشكل عام، عليك أن تأخذ بعين الاعتبار عمر طفلك، ومستوى نضجه، ونوع التطبيقات الموجودة على هاتفك، ومدى قدرتك على الإشراف عليه.
بعض مزايا السماح للطفل باستخدام هاتفك:
-
الهاتف دائمًا معك، مما يجعله خيارًا عمليًا عندما تكون خارج المنزل ولا يمتلك طفلك جهازه الخاص أو بطاريته نفدت.
-
ربما لا ترغب في إدارة جهاز مستقل لكل طفل، فيكون استخدام هاتفك خيارًا بسيطًا يمكنك من خلاله فرض الشروط والمراقبة.
-
عادة ما تكون حاضرًا أثناء الاستخدام، مما يسمح لك بمشاركة طفلك المحتوى ومناقشة مدى ملاءمته.
-
كون الجهاز ملكك، يمكنك بسهولة فرض حدود زمنية أو محتوى مناسبة.
-
يوفر فرصة لبدء محادثات تعليمية مع طفلك حول المحتوى الذي يشاهده وتعزيز الوعي الرقمي.
باختصار: استخدام طفلك لهاتفك يمكن أن يكون فرصة رائعة لبناء حوار صحي حول التكنولوجيا والإنترنت.
بعض عيوب السماح للطفل باستخدام هاتفك:
- لأن الهاتف دائمًا متاح، قد يطلب الطفل استخدامه بشكل متكرر.
وهذا قد يقلل من انخراطه في أنشطة أخرى أكثر فائدة.
الأبحاث تُظهر أن الإفراط في استخدام الأجهزة يسبب أضرارًا جسدية ونفسية كبيرة للأطفال.
- ما لم تكن قد أعددت رقابة أبوية على هاتفك (وهذا نادر)، يمكن للطفل الوصول إلى كل شيء عبر الإنترنت.
مما يعني احتمال تعرضه لمحتوى غير مناسب أو خطر.
- الهاتف معدّ خصيصًا لتلبية احتياجاتك الشخصية، وقد لا تكون إعداداته مناسبة لطفلك.
ويزداد الأمر تعقيدًا إن كان لديك أكثر من طفل بأعمار مختلفة.
استخدام أدوات مثل Pinardin (أداة إدارة الوالدين) قد يكون مفيدًا، لأنها تعمل على هاتفك وأجهزة أطفالك معًا.