لماذا يمكن أن يكون الشعور بالملل فرصة للنمو؟

أهم النقاط

  • الملل المزمن يمكن أن يكون مشكلة، خصوصاً لدى الأطفال الذين لم يتعلموا تحمّله.
  • بدلاً من الخوف من الملل، يمكن للوالدين تعليم أطفالهم كيفية التعامل معه أو إيجاد طرق إبداعية للتغلب عليه.
  • شجّع الأطفال على رؤية الملل كفرصة لاكتشاف قدراتهم الداخلية.

إذا كنت أحد الوالدين، فغالباً ما سمعت هذه العبارة: “أنا زهقان!"—والحقيقة أن الأطفال قد يشعرون بالملل في أي وقت وأي مكان—في المدرسة، في المنزل، وحتى عندما تحيطهم الألعاب ووسائل الترفيه.

تشير الدراسات إلى أن الشعور المستمر بالملل يمكن أن يؤثر سلباً على المزاج، الصحة النفسية، والإنتاجية. فماذا يمكننا كآباء وأمهات أن نفعل عندما نسمع تلك العبارة؟ إليك بعض الاقتراحات المبنية على خبرة طبيب نفسي إكلينيكي وأدلة علمية.

التعاطف بدلاً من الترفيه

مهمتنا كوالدين ليست تسلية أطفالنا، بل دعمهم وتعليمهم ومرافقة نموهم. قد يبدو هذا الفرق دقيقاً، لكنه في الواقع أساسي—وفي كثير من البيوت، بما في ذلك بيتي، يكون مصدراً للارتباك.

إذا جعلنا أنفسنا دائماً مسؤولين عن تسلية الطفل، فإننا نحرمهم من فرصة تعلم مهارة حيوية. لأن الطفل سيتعلم أنه بحاجة إلى الآخرين للتخلص من ملله، وليس إلى نفسه.

بدلاً من ذلك، يمكننا تأكيد مشاعره—فالجميع يشعر بالملل أحياناً—وتعليمه كيف يبحث عن وسائل ترفيه بنفسه. وإذا اقترح الطفل نشاطاً يتضمن مشاركة الوالد (مثل اللعب معاً)، فلو أمكن، من الجيد المشاركة لأن الفكرة أتت منه.

شجّع الطفل على الإبداع

تعليم الطفل كيف يسلّي نفسه لا يعني أن نتركه وحيداً. خاصةً الأطفال الصغار يحتاجون إلى نماذج يتعلمون منها، وإلى من يوضح لهم كيفية إيجاد حلول إبداعية للمشكلات.

لحسن الحظ، هناك الكثير من الطرق الممتعة والمفيدة لقضاء الوقت. وإذا وفّرنا لهم خيارات صحية، فسيكونون أكثر استعداداً لمواجهة الشعور بالملل مستقبلاً.

تشير الأبحاث إلى أن الملل يمكن أن يُحفز شرارات من الإبداع. بناءً على ذلك، من الأفضل أن يقترح الوالدان أنشطة مثل الكتابة، الرسم، أو ألعاب الخيال. كما يُستحسن أن نكون قدوة، فمثلاً بدلاً من قضاء وقت الفراغ على الهاتف أو أمام التلفاز، يمكننا أن نقرأ أو نرسم.

إذا رأى الطفل أن والديه يتعاملان مع الوقت الحر بطريقة إبداعية، فسيتعلم أن الشاشة ليست الخيار الوحيد عند الشعور بالملل.

دور التكنولوجيا

قد تبدو الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في البداية حلاً مثالياً لمشكلة الملل، لأنها توفّر ترفيهاً لا نهائياً عند أطراف أصابعنا. يمكننا اللعب، مشاهدة الأفلام، أو التصفح لساعات.

لكن الحقيقة أن هذا ليس حلاً، بل نوع من الإلهاء. فنحن نخسر تدريجياً القدرة على الجلوس بهدوء والتفكير.

وفقاً لإحدى الدراسات، يفضّل بعض الناس تلقي صدمة كهربائية خفيفة على أن يُتركوا وحدهم مع أفكارهم! هذا يدل على مدى تراجع تحملنا للملل.

الخلاصة

الملل ليس بالضرورة عدواً داخلنا أو داخل أطفالنا. صحيح أنه ليس شعوراً بسيطاً، كما أظهرت دراسة حديثة من إفريقيا حول تأثيراته السلبية على الصحة النفسية والجسدية.

ولكن عندما نعلم أطفالنا كيف يتحمّلون هذا الشعور بشكل صحي، ويبحثون عن حلول إبداعية، فإننا نُعدّهم لمواجهة لحظات الفراغ التي لا مفر منها في حياتهم بقوة ومرونة أكبر.


هل الملل مضر للأطفال؟

ليس بالضرورة. قد يكون الملل قصير المدى فرصة للنمو. لكن إذا استمر لفترة طويلة، فقد يؤدي إلى مشاكل مثل القلق، قلة الحافز، أو حتى الاكتئاب. وهنا يأتي دور الوالدين في تحويل الملل إلى تجربة إيجابية.

متى يجب أن نقلق من شعور الطفل بالملل؟

إذا كان الطفل يشعر بالملل باستمرار، لا يُبدي أي اهتمام بالأنشطة، أو يُظهر سلوكيات سلبية، فقد تكون هناك أسباب أعمق مثل مشكلات عاطفية أو نقص في تنظيم الحياة اليومية. في هذه الحالات، من المفيد استشارة أخصائي نفسي للأطفال.

كيف أُعلم طفلي أن يُسلي نفسه؟

ابدأ بالقدوة—عندما تكون لديك وقت فراغ، اقرأ كتاباً أو ارسم بدلاً من استخدام الهاتف. ثم اقترح على الطفل أنشطة إبداعية مثل الأشغال اليدوية، كتابة القصص، أو ألعاب التخيل. مع الوقت، سيتعلم الطفل أن يبتكر أفكاراً بنفسه ويُسلي نفسه دون الاعتماد على الآخرين.