يتعلم معظم الأطفال اللغة بشكل طبيعي، ولكن تفاعل الأشخاص من حولهم يمكن أن يؤثر بشكل كبير على سرعة تطور هذه المهارات. في ما يلي بعض الاستراتيجيات البسيطة التي يمكن أن تساعد الآباء في تعزيز مهارات الأطفال اللغوية في المنزل.

البكاء، الإشارة، الابتسام، والتواصل بالعين — كل هذه طرق يستخدمها الأطفال الصغار للتواصل. من المهم أن يتعرف الآباء على هذه الأنواع من التفاعلات وأن يستخدموها هم أيضًا. هذا يوضح للطفل أن التواصل فعال ويشجعه على تعلم طرق جديدة للتواصل.

أفضل طريقة لتشجيع الطفل على التحدث هي أن تُظهر له أن هذا يمكن أن يكون ممتعًا ومفيدًا. على سبيل المثال، يمكنك تكرار الكلمات التي يقولها طفلك؛ هذا يوضح له أنك متحمس لقدراته ويجعله يقلدك. يمكنك أيضًا وصف الأفعال التي يقوم بها الطفل، وعندما يقول شيئًا خاطئًا، يمكنك منحه فرصة لتصحيحه. وعندما يحاول الطفل التحدث، استجب فورًا وقدم له مدحًا محددًا: “أحسنت في طلب عصير التفاح!”

من المهم أيضًا مساعدة الطفل على تجنب القلق بشأن اللغة. إذا كنت تعلم أن طفلك يعرف كلمة معينة، لا داعي لأن تسأله باستمرار مثلًا “ما هو صوت البقرة؟”. وإذا كان يقول كلمة أو كلمتين فقط معًا، لا تجبره على تكوين جمل طويلة. بدلاً من ذلك، استخدم جملًا قصيرة تكون أكثر تعقيدًا قليلاً مما يستطيع قوله. عندما تولي اهتمامًا لاهتماماته وتتحدث عن الأشياء التي تهمه، فإنك ترسل له رسالة مفادها أن تعلم اللغة هو تحدٍ ممتع، وليس شيئًا مقلقًا.

تعلم اللغة من خلال التواصل: كيف نساعد جهود الطفل على النمو

عندما نساعد الأطفال على تعلم اللغة، يجب أن نبدأ من حيث هم — أي من خلال تعزيز سلوكياتهم الحالية في التواصل ومساعدتهم على أن يشعروا بالفخر من جهودهم في التواصل. تعلم اللغة في البداية هو عملية فطرية ويحدث بشكل طبيعي لمعظم الأطفال. لكن تفاعل الكبار مع جهود الطفل في التواصل يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا — قد يسرع هذا العملية أو يؤخرها.

بصفتي أخصائيًا في علاج النطق واللغة أعمل مع الأطفال الصغار الذين يتعلمون اللغة، جمعت العديد من الاستراتيجيات والتقنيات التي تساعد الأطفال في تعلم اللغة. فيما يلي بعض النقاط الأساسية التي يمكنك تطبيقها من اليوم في تفاعلاتك اليومية مع طفلك (سواء كان الطفل يطور لغته بشكل طبيعي أو كان يواجه بعض التحديات).

التحدث قد يتأخر

يعلم جميع الآباء أن الكلمات ليست الطريقة الوحيدة للتواصل. الأطفال الصغار يتواصلون معنا بالإشارة، والتواصل البصري، ولغة الجسد. عندما نتعرف على هذه العناصر الأساسية للغة، نشجعها ونرد عليها بشكل إيجابي، فإننا نهيئ الأرضية للحديث وتكوين اللغة. لكن حتى قبل أن يتعلم الطفل كيفية الإشارة إلى ما يريد، فإنه يتواصل بطرق أخرى.

في المراحل المبكرة، عندما يبكي الطفل بسبب الجوع أو الانزعاج، قد يكون هذا مجرد رد فعل لمشاعره — ولكن عندما يفسر الوالدان بكاءه وأصواته ويستجيبان لها، يدرك الطفل أن هناك علاقة متبادلة بين إصدار الأصوات وتلبية احتياجاته. هذا يشجعه على أن يعبر عن احتياجاته تدريجيًا باستخدام الإشارة، ولغة الجسد أو الأصوات المختلفة.

في النهاية، تصبح الكلمات الطريقة الأكثر فعالية للتواصل مع الطفل، ولكن حتى ذلك الحين، لا يجب التقليل من أهمية التواصل غير اللفظي. تساعد هذه الأنواع من التفاعلات الطفل على فهم مفهوم التواصل وتحفيزه على البحث عن طرق أكثر تطورًا للتواصل.

إحدى النقاط المثيرة للاهتمام بشأن تطور اللغة عند الأطفال هي أن هذه العملية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا باللعب. عادة عندما يبدأ الطفل في قول أول كلمات له — حوالي 12 أو 13 شهرًا — فإن ذلك يحدث في الوقت ذاته تقريبًا الذي يظهر فيه اللعب الرمزي (symbolic play). اللعب الرمزي يعني على سبيل المثال أن الطفل يأخذ موزة ويضعها على أذنه ويتظاهر بأنها هاتف.

من المنطقي من الناحية التنموية أن يحدث هذان الأمران في وقت واحد، لأن الطفل يجب أن يتعلم أولاً القدرة على التفكير الرمزي ليتمكن من استخدام اللغة؛ لأن اللغة هي أيضًا رمزية (على سبيل المثال، الكلمة تمثل شيئًا ما). لذا، عندما تشارك في ألعاب خيالية مع الطفل، فأنت في الواقع تعزز وتوسع قدرته الجديدة على فهم المفاهيم الذهنية والرمزية.

مراقبة وفهم مهارات لعب الطفل تساعد الآباء على معرفة ما يجب أن يتوقعوه في مراحل نموه. على سبيل المثال، إذا كان طفلك لا يزال يضرب الملعقة على الطاولة ولا يزال لعبه غير متقدم، فلا يجب أن تتوقع منه أن يتواصل بالكلمات، لأن من الناحية التنموية، لا يزال يفكر في طرق للتواصل.

توفير الفرص للتواصل

هناك العديد من الطرق التي يمكن للآباء من خلالها توفير فرص للطفل لممارسة مهاراته في التواصل. واحدة من الطرق الفعالة هي أن تضع أغراض الطفل المفضلة بعيدًا قليلاً. على سبيل المثال، بدلاً من أن تعطيه شريط الجرانولا فورًا، ضعها في مكان يستطيع رؤيتها ولكن لا يستطيع الوصول إليها، وانتظر حتى يطلبها منك بطريقة ما.

طريقة ترتيب الأشياء في المنزل يمكن أيضًا أن تخلق العديد من الفرص للتحدث. امشِ في المنزل وشاهد أين توجد الكتب والألعاب. قد يكون من الجيد وضع بعض الألعاب المفضلة أعلى قليلاً (ولكن لا تزال في نطاق رؤية الطفل). أو ربما يمكنك إعطاء الطفل جزءًا من لغز أو لعبة “آنس سيدة البطاطس” وانتظر حتى يطلب الأجزاء الأخرى. الهدف من هذه الأشياء ليس إزعاج الطفل، بل هو تغيير البيئة المحيطة به بطريقة تشجعه على طلب الأشياء، والانتباه، والتواصل بشكل هادف.

طريقة مثيرة أخرى لتحفيز الطفل على التواصل هي لعب الأدوار و"نسيان" الأشياء عمدًا. على سبيل المثال، أثناء روتين معروف مثل ارتداء الملابس، تظاهر أنك نسيت أن ترتدي جوارب ابنتك قبل حذائها. إذا كانت معتادة على ارتداء الجوارب أولاً، فمن المحتمل أن تلاحظ التغيير في الروتين وتقوم بإخبارك بخطأك.

يمكنك أيضًا إحداث توقفات أثناء الأنشطة المتوقعة؛ مثل غناء أغنيتها المفضلة. إذا كانت ابنتك تحب أغنية “The Itsy Bitsy Spider”، يمكنك في يوم ما أن تبدأ بالغناء: “The itsy bitsy spider ran up the —” ثم تتوقف وانتظر لتكمل هي الجملة. هذه الطريقة لا تشجعها فقط على استخدام المفردات واستعادتها، بل تعلمها أيضًا أخذ دور في المحادثة وتوضح لها أن التواصل يمكن أن يكون ممتعًا!

استراتيجيات لتعزيز مهارات اللغة لدى الطفل

عندما تعمل مع الأطفال على تعزيز مهاراتهم اللغوية، يجب أن يكون هدفك دائمًا هو أن تدفعهم خطوة واحدة للأمام — لا أكثر ولا أقل. على سبيل المثال، إذا كان طفلك يتحدث بكلمة أو كلمتين، يجب أن توفر له جملًا مكونة من ثلاث أو أربع كلمات كنموذج له. لكن يجب أن تقوم بذلك وفقًا لاهتماماته وبدءًا من مكانه ليظل التواصل ممتعًا له ويحفزه على تجربة كلمات وأساليب جديدة.

يجب أن يكون التواصل ممتعًا للأطفال! اللغة شيء يتعلمه الأطفال بشكل طبيعي وغريزي. لذا، من الأفضل أن نولي اهتمامًا لما يهتم به الطفل، ونستمع إلى طرق تواصله، ونساعده على الوصول إلى مستوى أعلى من المهارات اللغوية.

فيما يلي بعض الاستراتيجيات العملية للأطفال من حديثي الولادة حتى حوالي خمس سنوات، ويمكن استخدامها بناءً على مستوى الطفل اللغوي. بالطبع، قد يختلف تنفيذ هذه الطرق في مرحلة الطفولة المبكرة عن فترة التحدث، لكن الفكرة الرئيسية تظل ثابتة:

  • التقليد: إذا كان طفلك يصدر أصواتًا (على سبيل المثال، يتحدث بصوت منخفض)، أو يقوم بحركة معينة أثناء اللعب، أو حتى يضرب بالملعقة، قم بتقليد ذلك. تقليد الأصوات والكلمات والإيماءات يساعد الطفل على الشعور بالاهتمام والتأكيد من قبلك، مما يعزز مهارة التناوب في المحادثة ويشجعه على تقليدك.

  • التفسير: إذا كان طفلك يشير إلى عصير التفاح، فهو يتواصل معك. استغل هذه الفرصة وانتقل بها للمرحلة التالية، وفسر له ما يقوله. على سبيل المثال، قل له: “عصير التفاح! تريد عصير التفاح! هل تحب عصير التفاح؟”

  • التمديد: التوسيع على ما يقوله الطفل يساعده في تعلم لغات أكثر تطورًا. على سبيل المثال، إذا قال الطفل “عصير”، يمكنك قول: “نعم، تريد عصير التفاح، أليس كذلك؟”

  • إعطاء الفرص للطفل: قبل أن تسأله أو تصحح له، امنح الطفل الوقت للتعبير عن نفسه.