لما نحكي عن تعزيز المرونة عند الأطفال، أغلب الأهل بيعرفوا المقصود: نساعد الطفل يطوّر المعرفة، الثقة بالنفس والقدرة على التعامل مع الصعوبات، فهم المواقف الغامضة وتجاوز التجارب المزعجة أو المؤذية.
بس لما نقول “المرونة الرقمية"، كتير من الأهالي ما بيكونوا متأكدين شو يعني هالمصطلح بالضبط. وهذا مؤسف لسببين:
أولاً، المرونة الرقمية هي نفسها فكرة المرونة التقليدية، بس ضمن سياق الإنترنت والعالم الرقمي.
ثانياً، هالنوع من المرونة صار بالغ الأهمية بعصرنا الحالي.
بس شو يعني فعلاً “مرونة رقمية”؟ وليش تعلّمها بهالزمن ضروري جداً للأطفال؟

شو يعني مرونة رقمية؟

أفضل تعريف سمعته للمرونة الرقمية كان من Digital Resilience Working Group التابع للمجلس البريطاني لحماية الأطفال على الإنترنت:

“المرونة الرقمية تعني قدرة الفرد على التمييز متى بيكون بخطر أثناء استخدام الإنترنت، يعرف كيف يتصرّف إذا واجه مشكلة، يتعلّم من تجاربه الرقمية، ويكون عنده القوة لتجاوز الصعوبات والانزعاجات اللي ممكن تصير أونلاين.”

وحتى يساعدوا الأهالي والأطفال يفهموا هالمفهوم أكتر، عملوا إطار عملي بيوضح العناصر الأساسية:

  • الفهم (Understand): الطفل يعرف يميز المواقف الخطرة ويتخذ قرارات واعية.

  • المعرفة (Know): يعرف من وين وكيف يطلب المساعدة وقت الحاجة.

  • القدرة على التعافي (Recover): يقدر يرجع لحالته الطبيعية نفسياً بعد أي مشكلة.

  • التعلّم (Learn): يتعلّم من التجربة ويطوّر قراراته بالمستقبل.

ليش المرونة الرقمية مهمة لهالدرجة؟

  • الأطفال بيقضوا وقت طويل أونلاين. الأطفال بين عمر ٨–١٢ بأمريكا بيستخدموا الإنترنت للترفيه حوالي ٥ ساعات يومياً، والمراهقين فوق ٧.٥ ساعات (المصدر).
    بخلاف التجارب الواقعية، التجربة الرقمية دائماً موجودة وما بتنقطع.

  • كل ما زاد وقت الطفل على الإنترنت، زادت معه المخاطر. ١ من كل ٤ مستخدمين للإنترنت تعرض لنوع من الأذى الرقمي، و٣٦٪ منهم كانوا ضحايا تنمّر إلكتروني، و٨٧٪ من الأطفال شاهدوا هالسلوكيات.
    مع جائحة كورونا، زادت المخاطر الرقمية. ومديرة منظمة Kidscape “لورين سيجر-سميث” بتقول: “التنمر الرقمي عم يكبر، وعلى عكس ساحة المدرسة، ممكن يلاحق الطفل ٢٤ ساعة. لازم الأهل يعرفوا كيف يزرعوا المرونة الرقمية من سن مبكر.”

  • كثير من التجارب السلبية بتصير بعيد عن أعين الكبار. المحادثات الخاصة والشبكات المغلقة ممكن تخفي مشاكل كبيرة. والطفل أحياناً ما بيعرف كيف يشرح شو صار معه أو بيخجل، فبيبقى لحاله.

  • الطفل اللي عنده مرونة رقمية بيتعافى أسرع. بيتخطّى المشاكل بسرعة، بيغلط أقل، وعلى المدى البعيد عنده فرص أقل للتأثر النفسي السلبي.

كيف نساعد طفلنا يطوّر مرونة رقمية؟

١. علّموه من الصغر فكرة “الحدود”.

بالبداية، الأهل هنّي اللي بيقرروا شو المحتوى المناسب أو الألعاب المناسبة. بس مع الوقت، الطفل رح يتعرض لمنصات مفتوحة وأشخاص غُرباء. وهون بتيجي أهمية المرونة الرقمية.
لازم نبدأ بتعليم هالمهارة من أول يوم بيستخدم فيه شاشة. مثلاً تحديد وقت معين للشاشة بيساعده يفهم إنو التكنولوجيا لازم تنضبط، وإنو الحياة مو بس عالشاشة.

٢. علّموه يتخذ قرارات واعية.

مع تطوره، الطفل بينتقل من الألعاب البسيطة لتطبيقات ومنصات أكثر تعقيداً. فلازم يعرف:

  • كيف يتحكم بإعدادات الخصوصية (Privacy settings)

  • يفرّق بين الأصدقاء الحقيقيين والأشخاص الغرباء

  • يعرف إنو كـ"مواطن رقمي”، تصرفاته بتترك أثر رقمي (Digital footprint) دائم

  • يفهم حدوده ويقدر يوازن بين العالم الحقيقي والافتراضي

٣. خلّوا النقاش حول الإنترنت جزء من يومكم.

إذا الطفل من البداية تعوّد يحكي عن تجاربه الرقمية، بعدين رح يكون أسهل عليه يشارك حتى المواضيع الحساسة. طمّنوه إنو دائماً فيكن تسمعوه بدون أحكام، وخلّوا الجو مريح وعفوي. وذكّروه إنو الغلط مو نهاية العالم.

٤. ادعموا استقلاليته بالمراهقة.

بسن المراهقة، الطفل بيصير عنده حرية أكبر على الإنترنت، وبهالمرحلة بيتكوّن عنده وعي حول الهوية، الجسد والعلاقات.
السوشال ميديا ممكن تمارس ضغط كبير. هون دوركم إنكم تعزّزوا الوعي الذاتي عنده، وتساعدوه يعرف شو بيزعجه ويبتعد عنه. وإذا مرّ بمشكلة، شجّعوه يحكي معكم أو مع شخص موثوق.

٥. استخدموا أدوات الرقابة الأبوية مثل Pinardin.

الأطفال ما بينضجوا نفسياً بنفس السرعة، ومو دايماً قوانين العمر كافية. أنتم كأهل، الأدرى بمستوى نضج ابنكم.
باستخدام أدوات مثل Pinardin، فيكن تهيّئوا تجربة رقمية مناسبة لمستوى وعيه. مثلاً:

  • تمنعوا المواقع أو التطبيقات غير المناسبة

  • تحددوا وقت معين للاستخدام

  • تفعّلوا خاصية البحث الآمن (Safe Search)

ولما يثبت نضجه، فيكن تخففوا بعض القيود تدريجياً.
هيك بتكونوا لقيتوا توازن صحي بين الحرية والحماية؛ بهالعالم الرقمي اللي فيه التكيّف الذكي أهم من أي وقت مضى.